الاثنين، ١٧ أكتوبر ٢٠١١

أقنعة خشبية ذات إبتسامة عريضة

الكل يعلم ما تمر به مصر من أحداث جسيمة و لي فيها رأي سوف أفرد له مقالاً أوضح فيه وجهة نظري للأحداث وقد تأخرت عامدا في إبداءه حتى تنجلي الحقيقة ويظهر الأمر على حقيقته. لكن ما أهتم به هنا في هذا المقال هي تجربة فريدة الكثير منا قد يكون قد مر بها في الايام الأخيرة بعد أحداث ماسبيرو الأولى وما كان من فض الشرطة والجيش لمحاولة إعتصام الأقباط أمام مبنى التلفزيون. ثم ماسيبيرو الثانية يوم 9 أكتوبر والمشهورة بموقعة ماسبيرو هي تجربة الصدق مع النفس والمعتقد خصوصا مع وجود من تتعامل يوميا معهم بكثير من الود والكثير من الاحترام.

 في الشركة التي أعمل بها يوجد نسبة كبيرة من المسيحيين قد تتجاوز الخمسين بالمائة من الزملاء وحقيقةً مع شعوري بالاستياء مما قد حدث لتجاوز جزئ من نسيج المجتمع القانون ومحاولته الاستقواء بالعدو المشترك على دولة تحاول النهوض إلا أنني كنت مهموما من كيفية التصرف مع زملائي في العمل وليس من طبعي أن أظهر ما لا أبطن. دخلت مقر الشركة اليوم التالي ليوم ماسبيرو الثاني الكل صامت الكل منهمك في العمل بشكل لم أجده في الأيام العادية الكل يلصق حاجباه بشاشة الحاسوب. أزال عني هذا الكثير من التفكير فيما يمكن أن أقوله لزملاء هم من المؤكد على طرف نقيض مما أراه وأعتقده كتفسير للأحداث إذن فقد تأجلت المواجهة قليلاً. تلفت حولي فوجدت مقعد أقرب هؤلاء إلي خالياً فظننت أن ذلك يتصل بالحدث الجاري . نفضت ذلك عن ذهني و بدأت في عملي وأخذت أنقر الأزرار دون أن ألقى السلام على أي من الجالسين محاولاً تأجيل المواجهة المنتظرة أكبر وقت ممكن. مرت الساعة تلو الأخرى والكل صامت ولا يُسمع إلا صوت نقر الأزرار. انتصف يوم العمل وها هي الساعة التي إعتاد الجميع فيها التنادي لإختيار مطعم يوصل لنا الطعام وهي عملية ديموقراطية شاقة خصوصا وأن عدد المشاركين ليس بالقليل. ظننت أن هذا الطقس سوف يختفى اليوم لكن لدهشتي أو لتأثير الجوع وهو الغريزة المحركة لكل أحداث التاريخ بدأت الحركة المعتادة لكن بشكل أهدأ إلى حد ما. تمت العملية الديموقراطية وتم إختيار المطعم و من سيقوم بعملية جمع الطلبات والحساب ... الخطوات المعتادة  بنفس الأسلوب وبمرح كبير وكانت ترتسم على وجوه الجميع ابتسامة رأيتها مبالغاً فيها. بعد أن تناول الجميع الطعام رأيت الجميع وقد إنقسموا  إلى دوائر نقاش معتادة كل يوم لكن لم أسمع في أي دائرة منها ناقشا في الأحداث الجارية النقاش كان في كل شيئ إلا في هذا الموضوع والابتسامات ما زالت مفتعلة وكبيرة. إنتهى طقس الغداء وانصرف الجميع إلى مكاتبهم وساد الهدوء الغير معتاد مرة أخرى . إنتهى اليوم وبدأ الناس في المغادرة واحداً يتلوه الآخر وتحية الوداع كانت مجرد نفس الابتسامة مع هزة للرأس خفيفة ... و أظنني قد نجحت في تأخير هذا الصدام ليوم كامل. في اليوم التالي وصلت لمكتبي لا حظت أن إنفرجةً ما حدثت فالأمور طبيعية إلى حد كبير و الإخلاص غير الطبيعي في العمل قد إختفى أو يكاد وتوجد بعض النقاشات الجانبية المعتادة لكن أيضا لا يوجد ذكر لما حدث و لا تزال تلك الابتسامة معلقة على الوجوه. جلست وبدأت في إخراج حاسوبي من حقيبته فلاحظت وجود الزميل الذي  غاب يوم أمس وجدته ينظر إلى وعلى وجهة إبتسامة عريضة ولم أكن قد سلمت على أحد بعد فتقدمت إليه وقلت "صباح الخير" مادا بيدى فمد يده وسلم ولم يزد على أن قال  "صباح النور". فسألته لمَ لم تحضر أمس فأجاب كنت متوعكاً "ألف سلامة" هكذا رددت لم أحاول الإسترسال ولم يحاول هو إطالة الحديث فعدت إلى مكتبي. جلست  ساهما ونسيت أمر العمل وأخذت أفكر كم كنت ساذجا فالقناع الخشبي ذو الابتسامة العريضة يغني كثيراً عن إبداء الرأي وأيضا عن فتح نقاش قد تكون مضطراً لأن تبدي رأيك فيه. وكان قراري هو أن أرتدي قناعي الخشبي ذو الابتسامة العريضة الذي وضعته في مكان ما داخل تلفيفة من تلافيف عقلي الباطن وقد علته الأتربة فمنذ أن إمتلكته لم أدرك كم هو مفيد. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق